الأربعاء، ديسمبر 04، 2013

نحن نتراجع الى الخلف

اللغة العربية تتراجع.. ومعها اسماء الدكاكين واسماء الماكولات لتزحف علينا غزوات اعجمية تقتحم علينا حياتنا وتصبغها بالصبغة الامريكية‏..‏ فالقرى السياحية الجديدة تملأ الصحف باسماء‏:‏ الدريم لاند والكورال بيتش وبيفرلي هيلز وجولان بيتش‏.‏
وتدخل هذه الرطانة قاموسنا اللغوي وتحتله‏..‏ ونجد انفسنا نقول‏:‏ دادي‏..‏ واونكل‏..‏ وتانت‏..‏ وبودي جارد‏..‏ وكتالوج‏..‏ وباسبور‏..‏ وستريو‏..‏ وسوبر ماركت‏..‏ وبون جور‏..‏ وباي باي‏..‏ وبارتي‏..‏ وهاي‏..‏ واوكيه‏..‏ وهالو‏..‏ وبرافو‏..‏ وسوفاج‏..‏ وام بوسيبل‏.‏
ويجري التشويه والعبث في الالفاظ العربية فنسمع كلمات مثل: كماننا يغنيها الجيل الجديد الضائع‏..‏ وننسى اننا نفقد بهذا ارضنا التي نقف عليها ونفقد عروبتنا ونفقد قوميتنا ونفقد قيمنا ونفقد خصائصنا‏..‏ فلا عجب ان تختفي الشهامة العربية بعد ذلك من الشارع‏..‏ وان يختفي الشرف بمفهومه العربي من البيت وان تكون العروسة السوبر في نظر العريس هي مسخ فرانكو اراب‏..‏ فهذا هو القالب الجديد الذي يبحث عنه والذي انطبع في ذهنه من رؤيه المسلسلات الامريكية والسينما الفرنسية‏..‏ وهذا هو معنى التقدم كما اخذه من التليفزيون ومن افلام السينما ومن كبار المخرجين من حملة الاوسكار ونجوم الاغراء من صناع الموضات والاهواء‏.‏
*******
ونظرة سريعة الى اسماء المحلات في ميدان شعبي مثل ميدان السيدة زينب لا تجد فيه اسما عربيا واحدا وربما عثرت على اسم يتيم كل عشره محلات‏..‏ وهذا هو الوصف الدقيق لحالنا‏..‏ اننا نتحول بالتدريج الى ايتام بلا اب وبلا ام‏..‏ ونصبح غرباء على ارضنا وفي بلدنا ونفقد حسبنا ونسبنا واصلنا‏.‏
والمسئولية تقع على كل واحد فينا ابتداء من وزير التربية والتعليم ونزولا الى حلاق القرية‏..‏ والاستعمار الفرنسي ومن بعده الانجليزي ومن بعده الامريكي يحمل معظم الوزر‏..‏ ولكن هذا المسلسل الغاشم من الغزو الاجنبي لايكفي لإبراء ذمتنا‏..‏ فمصر بموقعها الفاتن والعبقري كانت ضحيه لموجات من الغزو بلا عدد ولكن كان الملاحظ دائما انها تطبع الغزاه بطابعها اكثر مما تنطبع هي بهم‏..‏ واكثر من دخلوا مصر تمصّروا باكثر مما تفرنجنا نحن وهرولنا ورائهم‏.‏
والتخلف سبب اخر فنحن لم نعد ننتج المعرفة ولم نعد نبدع في العلوم والمخترعات وانما اصبحنا مستهلكين لما ينتج ولما يبدع غيرنا وناقلين لما يخترع الغرب‏..‏ فدخلت علينا المخترعات الجديدة باسمائها‏..‏ الراديو والتليفزيون والتليفون والميكروفون والموتور والفريجيدير والانسر ماشين والفيديو والكاميرا والكومبيوتر والانتركوم والانترنت‏.‏
نحن صناع الاهرامات لم نعد نصنع ساندوتش هامبورجر ولم نعد نخترع كنتاكي‏.‏
ولولا القران ولولا الاسلام لانتهينا‏..‏ فالمسجد كان حصنا حصينا لم تستطع هذه الغزوة المفترسة ان تقتحمه‏..‏ ولم يظهر مسجد اسمه مسجد الدريم لاند ولا مسجد الكورال بيتش ولا مسجد الباليه رويال‏..‏ ولا مسجد التانجو‏..‏ وانما هناك مسجد الرحمة ومسجد المغفرة ومسجد قباء ومسجد النور‏.‏
*******
لم يدخل علينا الاسلام غازيا‏..‏ لم يدخل علينا ليسلبنا كما يظن البعض‏..‏ بل دخل ليعيد الينا ما فقد منا‏..‏ توحيد نبينا المصري ادريس‏..‏ الذي كان يشع على العالم من جامعه اون..‏ عين شمس حاليا‏
وكانت جامعة اون بمثابة امريكا في اشعاعها الثقافي والديني والعلمي في ذلك الزمن القديم‏..‏ ونقرا ان افلاطون جاء من اليونان الى مصر ليتلقي العلم في جامعه اون‏..‏ وليقرا ماكتب في مخطوطاتها وبقي في مصر سنوات يدرس ويتعلم‏.‏
نحن إذن بلاد علم وفلسفة وتاريخ‏..‏ وحاله الهيافة الشائعة حاليا في ثقافتنا وفي تعليمنا وهذا الانحدار في لغتنا والسوقية في اخلاقنا والسطحية في تفكيرنا هي ظواهر غازية وليست اصيلة..‏ وهي بقع وقذارات من العالم الغربي اصابتنا اثناء تسكعنا في ازقه نيويورك‏.‏
والقران العظيم في عطائه الالهي واياته التي تمكنت من شغاف قلوبنا هي التي ستحفظ لغتنا العربية الجميلة وهي التي ستحفظ قلوبنا من التردي وهي التي ستروي بقية الاصاله فينا‏..‏ انها الحبل الممدود من رحمة الله لانقاذنا‏.‏
*******‏
متى نعود الى مصريتنا والى عروبتنا والى اسلامنا والى لغتنا والى اصلنا‏.‏
متى نلتقط قارب العبور في محيط العولمة الخادع ونكتشف طريقنا الى نفوسنا والى حقائقنا والى تميزنا وانفرادنا وخصوصيتنا‏.‏
ان العوده الى النفس هي بدايه النجاه‏.‏
ومعرفه النفس هي ام المعارف وبدايه الطريق لمعرفه الله‏.‏‏
وكل نسخة من نفوسنا خلقها الله كبصمة الاصبع خاصه جدا وشديده الخصوصية وغير قابله للتكرار وغير قابلة للعولمة‏..‏ فهي ذات ليس لها مثيل في سرها وخصوصيتها‏..‏ وهي تلمع وتتالق كالجوهرة كلما حافظت على هذه الخصوصية ولم تذب ولم تتعولم ولم تصبح مشاعا‏..‏
والنفوس العظيمة هي التي استعصت على الذوبان وحافظت على البصمه الالهيه الخاصه فيها‏.‏‏
وليس اجمل في الدنيا من قول لا اله الا الله‏..‏
فان الله يقول لك لحظتها‏..‏ ولا احد مثلك‏..‏ فانت ايضا نسيج وحدك‏..‏ وهكذا خلقتك‏.‏
نعم‏..‏ فلا احد مثل احد‏..‏ وكل واحد منا فيه احديه تميزه تشريفا وتكريما من الاحد الذي خلقه‏..‏
ولاتحدث المثلية الا لمن فقدوا نفوسهم وفقدوا وجوههم وضلوا عن خصوصيتهم‏.‏


ليست هناك تعليقات: