الخميس، أبريل 24، 2014

مكارم الاخلاق (5)

ومنها كذلك وجماعها في وصف عباد الرحمن، وبيان صفاتهم وأخلاقهم قوله - سبحانه -: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 63 - 76].
      
هذه بعض الآيات القرآنية العظيمة الهادية والداعية إلى التخلُّق بكل خلقٍ نبيل، وأدبٍ كامل؛ والقرآن مملوء بعشرات الآيات في هذا الجانب الأخلاقي لمن تتبَّع واستقرأ ذلك بدق
m>

عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبُّ الناسِ إلى الله - تعالى - أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله - عز وجل - سرورٌ تدخِله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا، ومن كفَّ غضبه، ستر الله عورته، ومَن كظم غيظًا، ولو شاء أن يمضيَه أمضاه، ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله قدمه يوم تزِلُّ الأقدام، وإن سوء الخلق لَيفسدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ))؛ رواه ابن أبي الدنيا، وهو حديث حسن.
ظهر هذا الحديث الشريف محورًا أساسًا، يدور عليه نجاح الأمة الإسلامية، وينبني عليه شرفها، ومجدها، وعزتها، وهو تَمثُّل حُسن الخلق في التعامل مع الآخر، واستحضارُ وصايا مبلِّغ شريعة الإسلام - صلى الله عليه وسلم - في ضبط العلاقة بين الأفراد والجماعات، الذي ما بعثه الله - تعالى - إلا ليتمِّم حسنَ الأخلاق؛ فقد سقطت أكثر من 20 حضارة بسبب فساد أخلاق أهلها، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].
وَإِذَا أُصِيبَ القَوْمُ فِي أَخْلاقِهِمْ        فَأَقِمْ   عَلَيْهِمْ   مَأْتَمًا   وَعَوِيلا

(يتبع)

ليست هناك تعليقات: